قال المسعودي: وسألت جماعة من أقباط مصر بالصعيد وغيره من أهل الخبرة عن تفسير اسم فرعون فلم يخبروني عن معنى ذلك ولا تحصل لي في لغتهم، فيمكن- والله أعلم- أن هذا الاسم كان سمة لملوك تلك الأعصار، وأن تلك اللغة تغيرت كتغير الفهلوية، وهي الفارسية الأولى إلى الفارسية الثانية، وكاليونانية إلى الرومية، وتغير الحميرية وغير ذلك من اللغات. انتهى كلام المسعودي.
قلت: وليس بمستبعد هذه المقالة لأن لسان العرب وهو أشرف الألسن وبه نزل القرآن الكريم قد تغير الآن غالبه، وصارت العامة وغيرها تتكلم بكلام لو سمعه بعض أعراب ذلك الزمان لما فهموه لتغير ألفاظه، وكذلك اللغة التركية، فإن لسان المغل الآن لا يعرفه جند زماننا هذا ولا يتحدثون به، ولو سمعوه لما فهموه، وأشياء كثيرة من هذا. اهـ.
ونشرع الآن بذكر ما نحن بصدده، ومن لأجله صنف هذا الكتاب، وهم ملوك مصر والقاهرة، ونبدأ بترجمة عمرو بن العاص رضي الله عنه، لأنها «١» فتحت على يديه، وهو أوّل من وليها من المسلمين.
[ذكر ولاية عمرو بن العاص الأولى على مصر]
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص ابن كعب بن لؤي بن غالب، أبو عبد الله، وقيل: أبو محمد القرشىّ السّهمىّ الصحابىّ؛ أسلم يوم الهدنة وهاجر، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش غزوة ذات السلاسل، وفيه أبو بكر وعمر، لخبرته بمكيذة الحرب، ثم ولي الإمرة في غزوة الشأم لأبي بكر وعمر، ثم افتتح مصر حسبما تقدم ذكره ووليها لعمر أولاً، ثم وليها لمعاوية ابن أبي سفيان ثانياً على ما يأتي ذكره.