السنة الخامسة عشرة من ولاية الحافظ على مصر وهى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
فيها افتتح زنكى بن آق سنقر الرّهاء من يد الفرنج مع أمور وحروب، وردم سورها، وكتب إلى النصارى أمانا وأحسن للرعيّة، وحفر بها أساسا عميقا. وأول صخرة ظهرت فى هذا الأساس وجدوا مكتوبا عليها سطرين بالسريانيّة؛ فجاء شيخ يهودىّ فحلّهما إلى العربيّة، وهما:
[السريع]
أصبحت خلوا من بنى الأصفر ... أختال بالأعلام والمنبر
فظهر الرّحب على أنّنى ... لولا ابن سنقر لم أظهر
وفيها توفّى هبة الله بن الحسن الشيخ أبو القاسم المعروف بالبديع الأسطرلابىّ «١» .
كان فريد وقته فى عمل الأسطرلابات وآلات الفلك والطّلّسمات، وكان مع ذلك أديبا فاضلا. ومن شعره وقد أرسل لبعض الرؤساء هديّة:
[الكامل]
أهدى لمجلسك الشريف وإنّما ... أهدى له ما حزت من نعمائه
كالبحر يمطره السحاب وما له ... منّ عليه لأنّه من مائه
وفيها توفّى صاحب المغرب وأمير المسلمين تاشفين بن علىّ بن يوسف بن تاشفين المصمودىّ المغربىّ. وتمكن بعده عبد المؤمن بن علىّ بعد أمور وقعت له مع تاشفين هذا وبعده.