هو الخليفة أمير المؤمنين أبو العباس عبد الله المأمون ابن الخليفة هارون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدىّ ابن الخليفة أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علىّ بن عبد الله بن عباس الهاشمىّ العباسىّ البغدادىّ، ولد سنة سبعين ومائة قبل أخيه الأمين محمد بن زبيدة بشهر عند ما استخلف أبوه الرشيد، وأمّه أمّ ولد تسمّى مراجل، ماتت أيام نفاسها به. بويع بالخلافة بعد قتل أخيه الأمين محمد فى أواخر سنة خمس وتسعين ومائة وغيّر لقبه بأبى جعفر «١» وكان أوّلا أبا العباس؛ وكان نبيلا قرأ العلم فى صغره وسمع من هشيم وعبّاد بن العوّام ويوسف ابن عطيّة وأبى معاوية الضّرير وطبقتهم، وبرع فى الفقه على مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه والعربية وأيام الناس. ولما كبر عنى بالفلسفة وعلوم الأوائل ومهر فيها، فجرّه ذلك لقوله بخلق القرآن؛ فكان من رجال بنى العباس حزما وعزما وحلما وعلما ورأيا ودهاء وهيبة وشجاعة وسؤددا وسماحة، لولا أنه شان ذلك كلّه بقوله بخلق القرآن.
قال ابن أبى الدنيا: كان المأمون أبيض ربعة حسن الوجه يعلوه صفرة قد وخطه الشيب، أعين «٢» طويل اللحية رقيقها ضيّق الجبين على خدّه خال.
وعن إسحاق الموصلىّ قال: كان المأمون قد سخط على الحسين الخليع الشاعر لكونه هجاه عند ما قتل الأمين؛ فبينما أنا ذات يوم عند المأمون اذ دخل الحاجب برقعة فاستأذن فى إنشادها، فأذن له، فأنشد قصيدة أوّلها: