ولما كان يوم الخميس ثامن شهر رجب، جمع السلطان القضاة بالقصر، بعد الخدمة السلطانية، وادعى القاضى علاء الدين على بن أقبرس، أحد نواب الحكم الشافعية، عند القاضى المالكى شمس الدين البساطى، على الأمير قرقماس المذكور، بأنه خرج عن الطاعة وحارب الله ورسوله، وأن بقاءه بالسجن مفسدة وإثارة فتنة، وأن فى قتله مصلحة؛ وشهد بخروجه عن الطاعة ومحاربته جماعة من أكابر الأمراء، فحكم البساطى بموجب ذلك، فقيل له: ما موجبه؟ فقال: القتل، وانفض المجلس. فندب السلطان طوغان السيفىّ آقبردى المنقار أحد الخاصكيّة لقتله، فسافر طوغان إلى الإسكندرية، ودفع لنائبها ما على يده من المحضر المكتتب على قرقماس، وحكم القاضى المالكىّ بقتله، فأخرجه النائب من السجن فقرئ عليه حكم القاضى، وسئل عن الحكم المذكور، فأعذر.
حدّثنى طوغان المذكور بعد عوده من الإسكندرية، قال: لما وصلت إلى الإسكندرية، ودفعت إلى الأمير تمربابى التّمربغاوى نائب الإسكندرية، ما كان على يدى من المراسيم السلطانية وغيرها بقتل قرقماس، فأمر به تمرباى فأخرج من سجنه بقيده إلى بين يدى النائب، فقام النائب وأجلسه مكانه، وسأله فى الأعذار، فأعذر، وقد امتلأ المجلس بالناس، وصار النائب يستحى أن يأمره بالقيام، حتى تكلم بعض من حضر بانفضاض المجلس، وقد حضر المشاعلىّ والوالى، وأقيم قرقماس، وأخذ لتضرب رقبته، فجزع جزعا عظيما وشرع يقول لى: يا أخى يا طوغان، تضرب رقبتى فى هذا الملأ؟ وكرر ذلك غير مرة. فقلت له: يا خوند، أنا عبد