السنة الثالثة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة عشر وثمانمائة.
فيها تجرّد السلطان إلى البلاد الشامية سفرته الرّابعة التى أمسك فيها الأمير شيخا المحمودىّ، والأتابك يشبك الشّعبانىّ، ثم فرّا من سجن قلعة دمشق حسبما تقدم.
وفيها توفّى الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الظاهرىّ «١» المعروف بالطّيار، أمير سلاح، فى ليلة الثلاثاء ثامن عشرين شوّال، وحضر السّلطان الملك النّاصر الصلاة عليه بمصلاة المؤمنى، وكان مشكور السيرة، شجاعا، يندب للمهمّات، وله محبة فى أهل العلم والصلاح، وسمّى بالطيّار لأنه خرج من ديار مصر فى ليلة موكب ووصل إلى دمشق، ثمّ عاد إلى مصر فى ليلة موكب آخر على خيل البريد، ومعه دواداره الأمير أسنبغا الطّيارى، وهذا السّير لم يسمع بمثله فيما مضى من الأعصار من أنه يقطع ثمانين بريدا فى نحو أربعة أيّام.
وهذا الخبر مستفاض بين النّاس يعرفه كل أحد، غير أننى لم أسأل عن ذلك من الأمير أسنبغا الطّيارىّ المذكور تهاونا حتى مات، غير أنّ ولده الشهابى أحمد أخبرنى بذلك هو وغيره- انتهى.