السنة الخامسة من سلطنة [الملك]«١» الأشرف برسباى [على مصر]«٢»
وهى سنة تسع وعشرين وثمانمائة.
فيها كان فتح قبرس وأخذ ملكها أسيرا حسبما تقدم ذكره فى أصل ترجمة الأشرف هذا مفصلا. [وفيها]«٣» توفى شيخ الإسلام وأحد الأئمة الأعلام، سراج الدين عمر [ابن علىّ]«٤» بن فارس شيخ شيوخ خانقاه شيخون، المعروف بقارئ الهداية «٥» فى شهر ربيع الآخر، بعد أن انتهت إليه رئاسة مذهب أبى حنيفة فى زمانه، هذا مع من كان فى عصره من العلماء، كان بارعا مفنّنا فى الفقه وأصوله وفروعه، إماما فى العربية والنحو، وله مشاركة كبيرة فى فنون كثيرة؛ وهو أول من أقرأنى القرآن بعد موت الوالد. ومات وقد صار المعول على فتواه بالديار المصرية، بعد أن تصدى للافتاء والإقراء عدة سنين وانتفع به غالب الطلبة. وكان مقتصرا فى ملبسه ومركبه، يتعاطى حوائجه من الأسواق بنفسه، مع جميل السيرة وعظم المهابة فى النفوس، يهابه حتى السلطان، مع عدم التفاته لأهل الدولة بالكلية، حتى لعلّى لم أنظره دخل لأحد منهم فى عمره، وهو مع ذلك لا يزداد إلا عظمة ومهابة.