هو مزاحم بن خاقان بن عرطوج «١» الأمير أبو الفوارس التركىّ ثم البغدادىّ، أخو الفتح بن خاقان وزير المتوكّل قتل معه. ولى مزاحم هذا مصر بعد عزل يزيد بن عبد الله التركىّ عنها؛ ولّاه الخليفة المعتزّ بالله الزبير على صلاة مصر لثلاث خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وخمسين ومائتين؛ وسكن بالمعسكر على عادة أمراء مصر، فجعل على شرطته أرخوز «٢» ، وأخذ مزاحم فى إظهار الناموس وإقماع أهل الفساد؛ فخرج [عليه] جماعة كبيرة من المصريين، فتشمّر لقتالهم وجهّز عساكره وأنفق فيهم؛ فأوّل ما ابتدأ بقتال أهل الحوف من الوجه البحرى، فتوجّه اليهم بجنوده وقاتلهم وأوقع بهم وقتل منهم وأسر؛ ثم عاد الى الديار المصرية فأقام بها مدّة يسيرة، ثم خرج أيضا من مصر ونزل بالجيزة؛ ثم سار الى تروجة «٣» بالبحيرة وقاتلهم وأوقع بهم وقتل منهم مقتلة كبيرة وأسر عدّة من رءوسهم وعاد بهم الى ديار مصر؛ فلم تطل إقامته بها وخرج الى الفيوم وقاتل أهلها، ووقع له بها حروب كثيرة وقتل منهم أيضا مقتلة عظيمة وأمعن فى ذلك.
وكثر بعد هذه الواقعة إيقاعه بسكّان النواحى. ثم التفت الى أرخوز وحرّضه على أمور أمره بها؛ فشدّد أرخوز المذكور عند ذلك ومنع النساء من الخروج من بيوتهنّ والتوجّه الى الحمّامات والمقابر، وسجن المؤنّثين والنوائح، ثم منع الناس من الجهر بالبسملة فى الصلاة بالجامع، وكان ذلك فى شهر رجب سنة ثلاث وخمسين ومائتين. وأمر أهل الجامع بمساواة الصفوف فى الصلاة ووكّل بذلك رجلا «٤» من العجم يقوم بالسّوط من مؤخّر المسجد؛ وأمر أهل الحلق بالتحوّل الى جهة