السنة الخامسة من ولاية تكين الرابعة على مصر، وهى سنة ستّ عشرة وثلثمائة- فيها في المحرّم دخل أبو طاهر القرمطىّ الرّحبة «١» بعد حروب ووضع فيها السيف؛ فبعث إليه أهل قرقيسياء «٢» يطلبون الأمان فأمّنهم؛ وبعث سراياه في الأعراب فقتلوا ونهبوا وسبوا؛ ثم دخل قرقيسياء ونادى: لا يظهر أحد من أهلها نهارا، فلم يظهر أحد. ثم توجّه الى الرّقّة فأخذها. ولما رأى الوزير علىّ بن عيسى أن الهجرىّ- أعنى القرمطىّ- استولى على البلاد استعفى من الوزارة. ولما رجع القرمطىّ من سفره بنى دارا وسمّاها دار الهجرة، ودعا الى المهدىّ العلوىّ، وتفاقم أمره وكثر أتباعه؛ فعند ذلك ندب الخليفة المقتدر هارون بن غريب وبعثه الى واسط وبعث صافيا الى الكوفة؛ فوقع هارون بجماعة من القرامطة فقتلهم، وبعث بجماعة منهم أسارى على الجمال الى بغداد ومعهم مائة وسبعون رأسا. وفيها وقع بين نازوك وهارون حرب فى ذى القعدة؛ وسببها أن سواس نازوك وهارون تغايروا على غلام أمرد، وقتل من الفريقين جماعة؛ فركب الوزير ابن مقلة برسالة الخليفة بالكفّ عن القتال فكفّا.
وفيها سار ملك الروم الدّمستق في ثلثمائة ألف، فقصد ناحية خلاط «٣» وبدليس فقتل وسبى؛ ثم صالحه أهل خلاط على قطيعة وهى عشرة آلاف دينار؛ وأخرج المنبر من جامعها وجعل مكانه الصليب. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وفيها توفّى بنان بن محمد ابن حمدان أبو الحسن الزاهد المشهور المعروف بالحمّال، أصله من واسط ونشأ ببغداد