وسببه أنّه كان ابن حمدان اتّفق مع إلدكز التركىّ، وكان إلدكز تزوّج بابنته؛ فاتّفقا اتفاقا كليّا وتحالفا وأمن أحدهما للآخر. ووصل ناصر الدولة إلى مصر- أعنى بعد توجهه إلى الإسكندرية حسب ما ذكرناه- على طمأنينة مرتّبا للمواكب والعساكر، فركب إلدكز يوم الجمعة مستهلّ شهر رمضان فى خمسين فارسا، وكان له غلام يقال له: أبو منصور كمشتكين ويلقّب حسام «١» الدولة؛ وكان يثق به. فقال له الدكز: أريد أن أطلعك على أمر لم أر له أهلا غيرك؛ قال: وما هو؟ قال: قد علمت ما فعل ابن حمدان بالمسلمين من سفك الدماء والغلاء والجلاء، وقد عزمت على قتله، فهل فيك موافقة ومشاركة وأريح الإسلام منه؟ فقال نعم، ولكن أخاف أن يفلت فتتبرّأ منّى؛ قال لا، وقصدوا ابن حمدان قبل أن يلحقه أصحابه واستأذنوا عليه، فأذن لهم فدخلوا والفرّاشون ينفّضون البسط ليقعد عليها ابن حمدان، وهو يتمشّى فى صحن الدار، ومشى الدكز معه، ثم تأخّر عنه وضربه ب «يافروت» كان معه، وهو سكّين مغربىّ فى خاصرته، وضربه كمشتكين فقطع رجليه، فصاح: فعلتموها! فحزّوا رأسه. وكان محمود بن ذبيان أمير بنى سنبس «٢» فى خزانة الشّراب، فدخلوا عليه وقتلوه. ثم خرجوا إلى دار كان فيها فخر العرب ابن حمدان وقد شرب دواء وعنده الأمير شاور فقتلوهما. وخرجوا إلى خيمة الأمير تاج المعالى بن حمدان أخى ناصر الدولة، وكان على عزم المسير إلى الصعيد، فهرب إلى خراب مقابل خيمته، فكمن فيه فرآه بعض العبيد فأعطاه معضدة»