هو يحيى بن داود الشهير بابن ممدود الأمير أبو صالح الخرسي «١» من أهل خراسان.
وقال صاحب «البغية» : من أهل نيسابور. ولي مصر من قبل المهدي على الصلاة والخراج بعد عزل منصور بن يزيد عنها في ذي الحجة سنة اثنتين وستين ومائة، ولما قدم مصر سكن المعسكر على العادة، وجعل على شرطته عسامة بن عمرو، وكان أبو صالح المذكور تركياً وفيه شدة بأس وقوة جنان مع معرفة وتدبير؛ وكان لما قدم مصر وجد السبل بها مخيفة لكثرة المفسدين وقطاع الطريق، فأخذ أبو صالح هذا في أقماع المفسدين وأبادهم وقتل منهم جماعة كثيرة، فعظمت حرمته وتزايدت هيبته في قلوب الناس حتى تجاوز ذلك الحدّ؛ فكان يمنع الناس من غلق الدروب والأبواب وغلق الحوانيت حتى جعلوا عليها [شرائج «٢» ] القصب والشباك لمنع الكلاب من دخولها في الليل، وهو أول من صنع ذلك بمصر؛ فكان ينادي بمصر ويقول: من ضاع له شيء فعلي أداؤه، ومنع حراس الحمامات أن يجلسوا فيها، وقال: من راح له شيء فأنا أقوم له به من مالي؛ فكان الرجل يدخل الحمّام فيضع ثيابه فى المسلخ «٣» ثم يقول: يا أبا صالح احرس ثيابي ثم يدخل الحمام ولم يكن بها حارس ويقضي حاجته على مهل ويخرج فيلقى ثيابه كما هي لا يجسر أحد على أخذها من عظم حرمته، فإنه كان أشد الملوك حرمة وأعظمهم هيبة وأقدمهم على سفك الدماء وأنهكهم عقوبة؛ ثم إنه أمر أهل مصر من الأشراف والفقهاء والأعيان أن يلبسوا القلانس الطوال ويدخلوا بها عليه في يوم الاثنين والخميس بلا أردية؛ فقاسى أهل مصر منه شدائد، غير أن البلاد ومصر كانت