هو عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير اللخمي أمير مصر، ولاه الخليفة مروان بن محمد بن مروان المعروف بالحمار على الصلاة والخراج معاً بعد موت المغيرة ابن عبيد الله الفزاري، وكان عبد الملك هذا قد ولي خراج مصر قبل أن يلي الإمرة والصلاة، فلما مات المغيرة جمع له مروان الخراج والصلاة، وذلك في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولما تم أمره جعل أخاه معاوية على الشرطة، ثم ولى عكرمة بن عبد الله الخولاني، ثم إن عبد الملك المذكور أمر باتخاذ المنابر في الجوامع ولم يكن قبل ذلك منبر، وإنما كانت ولاة مصر يخطبون على العصي إلى جانب القبلة، ثم خرج عليه قبط مصر بعد ذلك واجتمعوا «١» على قتاله فحاربهم وقتل كثيراً منهم وانهزم من بقي [منهم «٢» ] ثم خالف بعد ذلك في أيامه عمرو بن سهيل بن عبد العزيز بن مروان على مروان الحمار ودعا لنفسه واجتمع عليه جمع من قيس في الحوف الشرقي من أعمال مصر، فبعث إليهم عبد الملك هذا [بجيش «٣» ] فلم تقع بينهم حرب، وبينما هم في ذلك إذ قدم عليهم الخليفة مروان الحمار من أرض الشام وقد انهزم من أبي مسلم الخراساني صاحب دعوة بني العباس في يوم الثلاثاء لثمانٍ بقين من شوال، وقيل لثلاث بقين من شوال سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ولما دخل مروان مصر وجد أهل الحوف الشرقي من بلاد مصر وأهل الإسكندرية [والصعيد «٤» ] قد صاروا مسودة- أعني صاروا من أعوان بني العباس ولبسوا السواد- فعزم مروان الحمار على تعدية النيل فعدى إلى الجيزة وأحرق الجسرين والدار المذهبة «٥» وبعث بجيش إلى الاسكندرية