فاقتتلوا مع من كان بها بالكريون «١» ، وبينما هو في ذلك خالفت القبط، فبعث إليهم مروان من قاتلهم أيضاً وهزمهم، ثم بعث جيشاً إلى الصعيد، وبينما هو في ذلك قدم صالح بن علي بن عبد الله بن عباس في طلب مروان ومع صالح أبو عون عبد الملك بن يزيد، وكان قدوم عبد الملك إلى الديار المصرية في يوم الثلاثاء النصف من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة المذكورة فلم يثبت مروان الحمار لصالح المذكور، وتوجه إلى بوصير بالجيزة ومعه عبد الملك صاحب مصر وغيره من حواشيه وأمرائه وأقار به من بني أمية، فلحقه صالح بها فالتقاه مروان الحمار بمن معه وقاتله حتى انهزم وقتل في يوم الجمعة لتسع بقين من ذي الحجة، ثم عاد صالح بن علي المذكور ودخل الفسطاط في يوم الأحد لثمان خلون من المحرم سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وبعث برأس مروان إلى الشام والعراق وزالت دولة بني أمية.
وأما عبد الملك بن مروان أمير مصر صاحب الترجمة فإنه كان لما ولي مصر أحسن السيرة ولم يفحش في حق بني العباس فأمنه صالح وأمن أخاه معاوية وعفا عنهما، ثم قتل حوثرة بن سهيل وحسان بن عتاهية اللذين كانا كل منهما ولي على مصر قبل عبد الملك، وعبد الملك هذا هو آخر أمير ولي مصر من قبل بني أمية وزالت في هذه السنة بقتل مروان الحمار دولة بني أمية، وبويع السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بالخلافة، وهو أول خلفاء بني العباس، ولا بد من ذكر كيفية انفصال دولة بني أمية وابتداء دولة بني العباس في هذه الترجمة فإن ذلك من أعظم ما يذكر من الوقائع وإن كان ذلك غير ما نحن فيه من شرط هذا الكتاب فنذكره على سبيل الاستطراد في ترجمة عبد الملك أمير مصر فإنه آخر من ولى من أمراء بنى أميّة.