السنة الثانية من ولاية الإخشيذ محمد بن طغج على مصر، وقد تقدّم أنه حكم فى السنة الماضية على مصر من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة، فتكون سنة أربع وعشرين وثلثمائة هذه هى الثانية من ولايته، ولا عبرة بتكملة السنين- فيها (أعنى سنة أربع وعشرين وثلثمائة) قطع محمد بن رائق الحمل عن بغداد، واحتج بكثرة كلف الجيش عنده. وفيها توفّى هارون بن المقتدر أخو الخليفة المطيع لله وحزن عليه أخوه الخليفة واغتمّ له، وأمر بنفى الطبيب بختيشوع بن يحيى واتهمه بتعمّد الخطأ في علاجه. وفيها في شهر ربيع الأوّل أطلق من الحبس المظفّر بن ياقوت، وحلف للوزير على المصافاة، وفي نفسه الحقد عليه، لأنه نكبه ونكب أخاه محمدا؛ ثم أخذ يسعى في هلاكه، ولا زال يدبّر على الوزير ابن مقلة حتى قبض عليه وأحرقت داره، وهذه المرّة الثالثة؛ واستوزر عوضه عبد الرّحمن بن عيسى، وهو أخو الوزير علىّ بن عيسى برغبة أخيه عن الوزارة- وكان ابن مقلة قد أحرق دار سليمان ابن الحسن- وكتبوا على داره:
أحسنت ظنّك بالأيّام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يجرى به القدر
وسالمتك الليالى فاغتررت بها ... وعند صفو الليالى يحدث الكدر
ثم وقع بعد ذلك أمور يطول شرحها. وقبض الراضى على الوزير عبد الرّحمن ابن عيسى وعلى أخيه علىّ بن عيسى لعجزه عن القيام بالكلف؛ واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخىّ، وسلّم ابنى عيسى للكرخىّ، فصادرهما برفق، فأدّى كلّ واحد سبعين ألف دينار. ثم عجز الكرخىّ أيضا؛ فاستوزر الراضى عوضه أبا القاسم سليمان ابن الحسن؛ فكان سليمان في العجز بحال الكرخىّ وزيادة. فدعت الضرورة أن الراضى