السنة السابعة من ولاية صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، وهى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
فيها توفّى صدقة بن الحسين بن الحسن أبو الفرج «١» الناسخ الحنبلىّ، كان يعرف بابن الحدّد، كان فقيها مفتنّا مناظرا. قال أبو المظفّر: لكنّه قرأ «الشفاء»«٢» وكتب الفلاسفة، فتغيّر اعتقاده، وكان يبدو من فلتات لسانه ما يدلّ على ذلك. ومن شعره- رحمه الله تعالى-:
لا توطّنها فليست بمقام ... واجتنبها فهى دار الانتقام
أتراها صنعة من صانع ... أم تراها رمية من غير رام
وفيها توفّى كمشتكين خادم السلطان نور الدين الشهيد. كان من أكابر خدّامه (أعنى مماليكه) ، وكان ولّاه الموصل نيابة عنه. فلمّا مات نور الدين هرب إلى حلب، وخدم شمس الدين ابن الداية، ثم جاء إلى الملك الصالح ابن نور الدين الشهيد فأعطاه حارم، ثم غضب عليه لأمر وطلب منه قلعة حارم بعد أن قبض عليه، فامتنعوا أصحابه من تسليمها، فعلّقه الملك الصالح منكّسا، ودخّن تحت أنفه حتّى مات.
وفيها توفّى محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر، الوزير أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء، ولقبه عضد الدولة. وكان أبوه أستادار المقتفى وأقرّه المستنجد. فلمّا ولى المستضىء استوزره، فشرع ظهير الدين [بن العطّار «٣» ] أبو بكر صاحب المخزن فى عداوته،