السنة التاسعة والثلاثون من ولاية المستنصر معدّ على مصر وهى سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
فيها خرج عساكر غزنة وتعرّضوا لبلاد السلطان ملكشاه السّلجوقى؛ فخرج إليهم إلياس بن ألب أرسلان أخو ملكشاه، فقاتلهم واستأمن إليه سبعمائة منهم، وانهزم من بقى إلى غزنة، وأوغل خلفهم إلياس. وكان سلطان غزنة يوم ذاك إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين. ثم عاد إلياس من الوقعة وقد كفى ملكشاه أمر الغزنويّة. ولمّا وصل إلياس إلى بلخ مات بعدها بثلاثة أيّام، وسرّ أخوه ملكشاه بموته، فإنّه كان منحرفا على ملكشاه. فقال له وزيره نظام الملك: لا تظهر الشماتة واقعد فى العزاء؛ ففعل وأظهر الجزن عليه.
وفيها بنى حسّان بن مسمار الكلبىّ قلعة صرخد «١» ، وكتب على بابها: أمر بعمارة هذا الحصن المبارك الأمير الأجلّ مقدّم العرب عزّ الدّين فخر الدولة عدّة أمير المؤمنين (يعنى المستنصر صاحب مصر) وذكر عليها اسمه ونسبه.
وفيها قال ابن الصابئ: ورد إلى مكّة إنسان عجمىّ يعرف بسلار من جهة جلال الدولة ملكشاه، ودخل وهو على بغلة بمركب ذهب، وعلى رأسه عمامة سوداء، وبين يديه الطّبول والبوقات، ومعه للبيت كسوة ديباج أصفر، وعليها اسم محمود بن سبكتكين وهى من استعماله؛ وكانت مودعة بنيسابور من عهد محمود ابن سبكتكين عند إنسان يعرف بأبى القاسم الدّهقان، فأخذها الوزير نظام الملك منه وأنفذها مع المذكور.