أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاثة أذرع واثنان وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وتسعة أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢٣١]
السنة الثالثة من ولاية عيسى بن منصور على مصر وهى سنة إحدى وثلاثين ومائتين- فيها ورد كتاب الخليفة هارون الواثق الى الأعمال بامتحان العلماء بخلق القرآن، وكان قد منع أبوه المعتصم ذلك؛ فامتحن الناس ثانيا بخلق القرآن. ودام هذا البلاء بالناس الى أن مات الواثق وبويع المتوكّل جعفر بالخلافة، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين؛ فرفع المتوكّل المحنة ونشر السنّة. وفيها كان الفداء فافتكّ هارون الواثق من طاغية الروم أربعة آلاف وستّمائة أسير؛ ولم يقع قبل ذلك فداء بين المسلمين والروم من منذ سبع وثلاثين سنة. فقال ابن أبى دوّاد: من قال من الأسارى: القرآن مخلوق فأطلقوه وأعطوه دينارا، ومن امتنع فدعوه فى الأسر.
قلت: ما أظنّ الجميع إلا أجابوا. وفيها عزم الخليفة هارون الواثق على الحجّ، فأخبر أنّ الطريق قليلة المياه، فثنى عزمه. وفيها ولّى الواثق جعفر بن دينار اليمن، فخرج اليها فى شعبان فى أربعة آلاف، وقيل: فى ستة آلاف فارس. وفيها ولّى الواثق إسحاق بن إبراهيم بن أبى حفصة على اليمامة والبحرين وطريق مكّة مما يلى البصرة.
وفيها رأى الواثق فى المنام أنه فتح سدّ يأجوج ومأجوج فانتبه فزعا، وبعث الى السدّ سلّاما التّرجمان. وفيها توفى أحمد بن حاتم الإمام أبو نصر النحوىّ، كان إماما فاضلا أديبا، صنّف كتبا كثيرة: منها كتاب الشجر والنبات والزرع. وفيها توفى على بن محمد ابن عبد الله بن أبى سيف المدائنىّ الشيخ الإمام أبو الحسن، كان إماما عالما حافظا ثقة، وهو صاحب التاريخ؛ وتاريخه أحسن التواريخ؛ وعنه أخذ الناس تواريخهم.