فقلت: أخذتهم والله؛ قال: وكيف؟ قلت: قلت فى يوم كذا وكذا: كذا وكذا، فأخذوا دمياط، وقد قلت اليوم: كذا، والملوك منطّقون بخير وشرّ؛ فأخذ دمياط بعد قليل» . انتهى. وقد تقدّم ذكر الكامل فى أوائل الترجمة من قول جماعة من المؤرّخين، ويأتى أيضا- من ذكره فى السنين المتعلّقة به- نبذة كبيرة. إن شاء الله تعالى. والله الموفّق لذلك بمنّه وكرمه.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٦١٦]
السنة الأولى من ولاية الملك الكامل محمد ابن الملك العادل أبى بكر بن أيّوب على مصر، وهى سنة ستّ عشرة وستّمائة، وقد تقدّم أنّ الكامل كان ولى مصر فى حياة والده العادل سنين عديدة فلا عمدة بولايته تلك الأيام، فإنّه كان كالنائب بمصر لأبيه العادل، ولا عبرة إلّا بعد استقلاله بسلطنة مصر بعد وفاة أبيه.
فيها (أعنى سنة ستّ عشرة وستمائة) أخرب الملك المعظّم عيسى صاحب دمشق القدس، لأنّه كان توجّه إلى أخيه الملك الكامل صاحب الترجمة فى نوبة دمياط فى المرّة الأولى، فبلغه أنّ الفرنج على عزم أخذ القدس، فاتّفق الأمراء على خرابه؛ وقالوا: قد خلا الشام من العساكر، فلو أخذ الفرنج القدس حكموا على الشام جميعه. وكان بالقدس [أخوه] العزيز عثمان، وعزّ الدين أيبك أستادار، فكتب إليهما المعظّم بخرابه، فتوقّفا وقالا: نحن نحفظه، فكتب إليهما المعظّم ثانيا:
لو أخذوه لقتلوا كلّ من فيه وحكموا على الشام وبلاد الإسلام، فألجأت الضرورة إلى خرابه. فشرعوا فى خراب السور أوّل يوم من المحرّم، ووقع فى البلد ضجّة عظيمة. وخرج النساء المخدّرات والبنات والشيوخ وغيرهم إلى الصخرة «١» والأقصى