وكان سبب هذه التجريدة «١» أن أهل طرابلس الغرب كان كثر شغبهم على ولاتهم، وكان ابراهيم بن الأغلب المذكور قد استعمل عليهم عدة ولاة، فكانوا يشكون من ولاتهم فيعزلهم ويولي غيرهم إلى أن استعمل عليهم سفيان بن المضاء وهي ولايته الرابعة، فاتفق أهل البلد على إخراجه عنهم وإعادته إلى القيروان فزحفوا إليه، فأخذ سلاحه وقاتلهم هو وجماعة ممن معه، فأخرجوه من داره فدخل الجامع وقاتلهم فيه فقتلوا من أصحابه جماعة ثم أمنوه فخرج عنهم في شعبان [من هذه السنة «٢» ] ، وكانت ولايته سبعاً وعشرين يوما، واستعمل جند طرابلس عليهم إبراهيم بن سفيان التميمي. ثم وقع أيضاً بين الأبناء بطرابلس وبين قوم يعرفون ببني أبي كنانة وبني يوسف حروب كثيرة وقتال حتى فسدت طرابلس؛ فبلغ ذلك إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية فاستنجد أحمد ابن إسماعيل أمير مصر وجمع جمعاً كبيراً وأمرهم أن يحضروا بني أبي كنانة والأبناء وبني يوسف فأحضروهم عنده بالقيروان، فلما قدموا عليه أراد قتلهم الجميع، فسألوه العفو عنهم في الذي فعلوه فعفا عنهم، وعادوا إلى بلادهم بعد أن أخذ عليهم العهود والمواثيق بالطاعة. واستمر أحمد هذا على إمرة مصر إلى أن صرف عنها بعبد الله بن محمد العباسي في يوم الاثنين لثمان عشرة خلت من شعبان سنة تسع وثمانين ومائة؛ فكانت ولايته على إمرة مصر سنتين وشهراً ونصف شهر.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ١٨٨]
السنة الأولى من ولاية أحمد بن إسماعيل على مصر وهي سنة ثمان وثمانين ومائة- فيها غزا المسلمون الصائفة فبرز إليهم نقفور «٣» بجموعه فالتقوا فجرح نقفور ثلاث جراحات وانهزم هو وأصحابه بعد أن قتل من الروم مقتلة عظيمة، فقيل: إن القتلى