فسدوا جسورها وزرعوها ونمت واستمرت في زيادة إلى يومنا هذا، وبقي ذلك اسما عليها لا تعرف إلا بالبحيرة.
ذكر ما قيل في سبب تسمية مصر بمصر
قيل: إنه كان اسمها في الدهر الأول زجلة «١» من المزاجلة، وقال قوم: سميت بمصريم بن مركائيل «٢» بن دواييل بن غرياب بن آدم، وهذا هو مصر الأول؛ وقيل:
بل سميت بمصر الثاني، وهو مصرام بن نقراوش «٣» الجبار بن مصريم الأول المقدم ذكره؛ وقيل: سميت بعد الطوفان بمصر الثالث، وهو مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وهو اسم أعجمي لا ينصرف؛ وقيل: هو اسم عربي مشتق، ولكل قائل دليل؛ وقيل:
غير ذلك أقوال كثيرة يأتي ذكر بعضها.
قال المسعودي في تاريخه: إن بني آدم لما تحاسدوا وبغى عليهم بنو قابيل بن آدم ركب نقراوش الجبار ابن مصريم المقدم ذكره في نيف وسبعين راكباً من بني غرياب بن آدم، جبابرة كلهم يطلبون موضعاً من الأرض ليقطنوا فيه، فلم يزالوا يمشون حتى وصلوا إلى النيل فأطالوا المشي عليه، فلما رأوا سعة هذا البلد أعجبهم، وقالوا: هذا بلد زرع وعمارة، فأقاموا فيه واستوطنوه وبنوا فيه الأبنية المحكمة والمصانع العجيبة، وبنى نقراوش بن مصريم [مصر «٤» وسماها باسم أبيه مصريم] ثم لما ملك قال لبنيه: إني أريد أن أصنع مدينة، ثم أمرهم ببنيان مدينة في موضع خيمته، فقطعوا الصخور من الجبال، وأثاروا معادن الرصاص، وبنوا دورا وزرعوا وعمروا الأرض، ثم أمرهم ببناء المدائن والقرى وأسكن كل ناحية من الأرض من