أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وإحدى وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وإصبع واحدة ونصف إصبع.
[ذكر ولاية شيبان بن أحمد بن طولون على مصر]
هو شيبان بن أحمد بن طولون الأمير أبو المقانب «١» التركىّ المصرى، ولى إمرة مصر بعد قتل ابن أخيه هارون بن خمارويه لإحدى عشرة بقيت من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين. قال صاحب البغية: ولما تم أمره أقرّ شيبان المذكور موسى على شرطة مضرة وخرج من الفسطاط ليلة الخميس لليلة خلت من [شهر] ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فكانت ولايته اثنى عشر يوما. انتهى. قلت: ونذكر أمر شيبان هذا بأوسع مما ذكره صاحب البغية فنقول: ولما قتل هارون بن خمارويه ورجع الناس إلى مصر وهم بغير أمير، نهض شيبان هذا ودعا لنفسه وضمن للناس حسن القيام بأمر الدولة والإحسان إليهم، فبايعه الناس وهو لا يدرى بأن الدولة الطّولونية قد انتهى أمرها. وما أحسن قول من قال في هذا المعنى:
أصبحت تطلب أمرا عزّ مطلبه ... هيهات! صدع زجاج ليس ينجبر
وقام شيبان بالأمر ودخل المدينة وطاف بها حتى وصل إلى الموضع المعروف بمسجد الرّمح، فصدم الرمح الذي فيه لواؤه سقف الدّرب فانكسر، فتطيّر الناس من ذلك وقالوا: أمر لا يتمّ. وقيل: إن شيبان المذكور كان أسز في نفسه قتل ابن أخيه هارون المقدّم ذكره، فتهيّأ لذلك وواطأ عليه بعض خاصّة هارون، فكان شيبان ينتظر الفرصة؛ وبينما شيبان على ذلك إذ صار إليه بعض الخدم الذين واطأهم على أمر هارون، وبايعوه على قتله وأعلموه أن هارون قد غطّ في نومه من شدّة السّكر،