وهى أن خشرما المذكور لما قدم المدينة وقد رحل عنها المعزول عنها وهو الشريف عجلان بن نعير لما بلغه عزله، فلم يلبث خشرم بالمدينة غير ليلة واحدة وصبّحه عجلان بجموعه- وقد حشد العربان- وقاتل الشريف خشرما وحصره ثلاثة أيّام حتى كسروه، ودخل العرب المدينة ونهبوا دورها، وشعّثوا أسوارها، وأخذوا ما كان للحجّاج الشامييّن من ودائع وغيرها، وقبضوا على خشرم المذكور ثم أطلقوه بسبب من الأسباب، واستهانوا بحرمة المسجد، وارتكبوا عظائم. كل ذلك فى أواخر ذى القعدة.
ثم فى يوم الخميس ثانى عشرين ذى الحجة قدم الأمير جار قطلو الظاهرى برقوق نائب حلب، فطلع إلى القلعة وقبّل الأرض وخلع السلطان عليه خلعة الاستمرار على نيابته، واستمرّ بالقاهرة إلى يوم السبت أول محرم سنة ثلاثين وثمانمائة خلع السلطان عليه خلعة السّفر وخرج من يومه إلى محل كفالته،
[ما وقع من الحوادث سنة ٨٣٠]
ثم فى يوم الخميس سادس المحرم خلع السلطان على الأمير أزدمر من على خان الظاهرى «١» أحد مقدمى الألوف بديار مصر المعروف بشايا باستقراره فى حجوبية حلب، قلت: درجة إلى أسفل؛ فإنه يستحق ذلك وزيادة، لما كان يشتمل عليه من المساوئ والقبائح، لا أعرف فى أبناء جنسه أقذر منه؛ كان دميم الخلق مذموم الخلق، بشع المنظر، كريه المعاشرة، بخيلا متكبّرا، ظالما جبّارا، هذا مع الجبن والجهل المفرط وعدم التفات الملوك إليه فى كل دولة من الدّول، وعدّ إخراجه من مصر من حسنات الملك الأشرف، وأنا أقول: لو كان الرّجل يرزق على قدر معرفته، وما يحسنه من الفضائل والفنون لكانت رتبة أزدمر هذا أن يكون صبيّا لبعض أوباش السّراباتيّة «٢» ، وقد استوعبنا مساوئه فى ترجمته فى تاريخنا المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى- انتهى.
ثم أخذ السلطان فى الفحص على جائى بك الصّوفىّ على عادته.