هو السلطان الملك الظاهر أبو سعيد سيف الدين خشقدم بن عبد الله الناصرى المؤيّدى، وهو السلطان الثامن والثلاثون من ملوك التّرك وأولادهم بالديار المصرية، والأوّل من الأروام بعد أن تسلطن من الچراكسة وأولادهم ثلاثة عشر ملكا، أعنى من أول دولة الظاهر برقوق وهو القائم بدولة الچراكسة ابتداء، وأما من سلف من ملوك التّرك الچراكسة والأروام ففيهم اختلاف كثير، لعدم ضبط المؤرخين هذا المعنى، والذي تحرّر منهم من دولة الملك الظاهر برقوق إلى يومنا هذا، فأوّل الچراكسة برقوق، وأول الأروام خشقدم، هذا وبينهما إحدى وثمانون سنة لا تزيد يوما ولا تنقص يوما، لأن كلّا منهما تسلطن في تاسع عشر شهر رمضان، فذاك- أعنى برقوقا- فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وخشقدم هذا في سنة خمس وستين وثمانمائة، تسلطن يوم خلع الملك المؤيّد أبو الفتح أحمد ابن السلطان الملك الأشرف إينال الأجرود، فى يوم الأحد تاسع عشر شهر رمضان سنة خمس وستين وثمانمائة بعد الزوال، وهو يوم ملك القلعة من الملك المؤيّد أحمد.
فلما كان وقت الزّوال طلب الخليفة المستنجد بالله يوسف والقضاة والأعيان، وقد حضر جميع الأمراء في الإسطبل السلطانى بباب السّلسلة بالحرّاقة «١» ، وبويع بالسلطنة، وكان قد بويع بها من بكرة يوم السبت ثامن عشر شهر رمضان قبل قتال الملك المؤيّد أحمد حسبما تقدّم ذكره في ترجمة الملك المؤيّد أحمد، ولقب بالملك الظاهر، وكنى بأبى سعيد.
ولما تمّ له الأمر لبس خلعة السلطنة السّواد من مبيت الحرّاقة وركب فرس النوبة،