هو هلال بن بدر الأمير أبو الحسن؛ ولى إمرة مصر بعد عزل تكين عنها فى شهر ربيع الآخر- أعنى من دخوله إلى مصر؛ فإنه قدمها في يوم الاثنين لسّت خلون من شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثلثمائة، ولّاه الخليفة المقتدر على الصلاة.
ولما دخل إلى مصر أقرّ ابن طاهر على الشّرطة ثم صرفه بعد مدّة بعلىّ بن فارس.
وكان هلال هذا لما قدم إلى مصر جاء معه كتاب الخليفة المقتدر لمؤنس بخروجه من مصر وعوده إلى بغداد، فلما وقف مؤنس على كتاب الخليفة تجهّز وخرج من الديار المصريّة بعساكر العراق ومعه محمود بن جمل الذي كان ولى مصر. وكان خروج مؤنس من مصرفى يوم ثامن عشر شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثلثمائة المذكورة.
وأقام هلال بن بدر المذكور على إمرة مصر وأحوالها مضطربة إلى أن خرج عليه جماعة من المصريين وأجمعوا على قتاله، وتشغّبت الجند أيضا ووافقوهم على حربه، وانضمّ الجميع بمن معهم وخرجوا من الديار المصرية إلى منية الأصبغ ومعهم الأمير محمد بن طاهر صاحب الشرطة. ولمّا بلغ هلالا هذا أمرهم تهيّأ وتجهّز لقتالهم، وجمع من بقى من جند مصر وطلب المقاتلة وأنفق فيهم وضمّهم إليه وجهّزهم، ثم خرج بهم وحواشيه إلى أن وافاهم وقاتلهم أياما عديدة؛ وطال الأمر فيما بينه وبينهم، ووقع له معهم حروب، وكثر القتل والنهب بينهم، وفشا الفساد وقطع الطريق بالديار المصرية؛ فعظم ذلك على أهل مصر، لا سيما الرعيّة. وضعف ابن هلال هذا عن إصلاح أحوال مصر، فصار كلّما سدّ أمرا انخرق عليه آخر؛ فكانت أيامه على مصر شرّ أيام. ولما تفاقم الأمر عزله الخليفة المقتدر بالله جعفر عن إمرة مصر بالأمير