خلت من شهر ربيع الأول المذكور. وقال صاحب البغية: قتل عمير في يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الأول، فوافق في الشهر والسنة، وخالف في اليوم.
قلت: وكانت ولاية عمير بن الوليد المذكور على مصر استقلالاً من قبل أبي إسحاق المعتصم شهرين سواء وتولى من بعده مصر عيسى بن يزيد الجلودىّ ثانيا.
ذكر ولاية عيسى بن يزيد الجلودي ثانياً على مصر
ولي عيسى بن يزيد هذا مصر ثانياً من قبل أبي إسحاق محمد المعتصم بعد قتل عمير ابن الوليد على الصلاة، ولما ولي مصر، قصده قيس ويمن على العادة وقد كثر جمعهم من أهل الحوف وقطاع الطريق، فوقع لعيسى هذا أيضاً معهم حروب وفتن، وجمع عساكره وخرج إليهم حتى التقاهم بمنية مطر (أعنى المطرية بقرب مدينة عين شمس التي فيها العمود الذي تسميه العامة بمسلة فرعون) وقاتلهم؛ فكانت بينهم حروب هائلة انكسر فيها الأمير عيسى بمن معه وقتل من عسكره خلائق وانحاز إلى مصر، وذلك في شهر رجب من سنة أربع عشرة ومائتين المذكورة؛ وبلغ المأمون ذلك فعظم عليه وطلب أخاه أبا إسحاق محمداً المعتصم وندبه للخروج إلى مصر وقال له:
امض إلى عملك وأصلح شأنه، وكان المعتصم شجاعاً مقداماً؛ فخرج المعتصم من بغداد في أربعة آلاف من أتراكه وسافر حتى قدم مصر في أيام يسيرة وعيسى كالمحصور مع أهل الحوف، وقبل دخوله إلى مصر بدأ بقتال أهل الحوف من القيسية واليمانية وقاتلهم وهزمهم وقتل أكابرهم ووضع السيف في القيسية واليمانية حتى أفناهم، وذلك في شعبان من السنة ومهد البلاد وأباد أهل الفساد؛ ثم دخل الفسطاط (أعني مصر) وفي خدمته عيسى الجلودي وجميع أعيان المصريين