من برقة وتهيّأ لقتال القوم فى النصف من جمادى الآخرة، وانضمّ عليه عيسى ابن منصور هذا ومن انضاف اليه، وتجمعوا وتجهّزوا لقتال القوم وخرجوا فى شوّال وواقعوهم فظفروا بهم بعد أمور وحروب وأسروا وقتلوا وسبوا؛ ثم مضى الأفشين الى الحوف وقاتلهم أيضا لما بلغه عنهم وبدّد جمعهم وأسر منهم جماعة كبيرة بعد أن بضّع فيهم وأبدع؛ ودامت الحروب فى السنة المستمرّة بمصر فى كلّ قليل الى أن قدمها أمير المؤمنين عبد الله المأمون لخمس خلون من المحرّم سنة سبع عشرة ومائتين، فسخط على عيسى بن منصور المذكور وحلّ لواءه وعزله ونسب له كلّ ما وقع بمصر ولعمّاله؛ ثم جهّز العساكر لقتال أهل الفساد وأحضر بين يديه عبدوس الفهرىّ فضربت عنقه لأنه كان أيضا ممن تغلّب على مصر. ثم سار عسكره لقتال أسفل الأرض أهل الغربية والحوف وأوقعوا بهم وسبوا القبط وقتلوا مقاتلتهم وأبادوهم وقمعوا أهل الفساد من سائر أراضى مصر بعد أن قتلوا منهم مقتلة عظيمة، ثم رحل الخليفة المأمون من مصر لثمان عشرة خلت من صفر بعد أن أقام بمصر وأعمالها (مثل سخا «١» وحلوان وغيرهما) تسعة وأربعين يوما؛ وولّى على صلاة مصر كيدر وعلى الشّرطة أحمد بن بسطام الأزدىّ من أهل بخارا. وعمّر المقياس وجسرا آخر بالجزيرة تجاه الفسطاط.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢١٦]
السنة التى حكم فيها عيسى بن منصور على مصر وهى سنة ست عشرة ومائتين- فيها كرّ المأمون راجعا «٢» من العراق الى غزو الروم لكونه بلغه أنّ ملك