وفيها توفّى الأمير ظهير الدين أبو المنصور طغتكين بن عبد الله الأتابك صاحب الشأم مملوك تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان السلجوقىّ. كان طغتكين مقدّما عند أستاذه تتش المذكور، وزوّجه أم ابنه دقماق، ونصّ عليه فى أتابكية ابنه دقماق المذكور. فقام بتدبير ملكه أحسن قيام، وغزا الفرنج غير مرّة، وله فى الجهاد اليد البيضاء. وقد ذكرنا بعض وقائعه فى أوّل ترجمة الآمر هذا مع الفرنج على سبيل الاختصار، نعرّف من ذلك همّته وشجاعته. وكان عادلا فى الرعيّة. ولمّا احتضر أوصى بالملك إلى ولده تاج الملوك بورى؛ فسار فى الناس أيضا أحسن سيرة. ومات طغتكين فى صفر بعد أن حكم دمشق سنين كثيرة. رحمه الله تعالى.
وفيها توفى عبد الله بن طاهر بن محمد بن كاكو أبو محمد الواعظ. ولد بصور ونشأ بالشام. قال أنشدنى أبو إسحاق الشيرازىّ لنفسه:
[البسيط]
لمّا أتانى كتاب منك مبتسما ... عن كلّ معنى ولفظ غير محدود
حكت معانيه فى أثناء أسطره ... أفعالك البيض فى أحوالى السّود
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم سبع أذرع وثمانى أصابع. مبلغ الزيادة ثمانى عشرة ذراعا وثلاث عشرة إصبعا.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٥٢٣]
السنة الثامنة والعشرون من ولاية الآمر منصور على مصر وهى سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة.
فيها ضمن زنكى بن آق سنقر للسلطان مائة ألف دينار على ألّا يعزله عن الموصل؛ وضمن الخليفة للسلطان أيضا مثل ذلك، ولا يولّى دبيسا ولاية- وكان الخليفة يكره دبيسا- فقبل السلطان ذلك.