السنة الرابعة من ولاية الظافر أبى منصور على مصر وهى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
فيها انحل أمر بنى سلجوق باستيلاء الترك على السلطان سنجرشاه السلجوقىّ.
وسببه أنّه لمّا التقى مع خاقان ملك الترك وخوارزم شاه قبل تاريخه، وانهزم منهم تلك الهزيمة القبيحة التى قتل فيها خلائق من العلماء والفقهاء وغيرهم، وعاد خاقان إلى بلاده، ثم صالح سنجرشاه خوارزم شاه، وبقى «١» فى قلب سنجر شاه ما جرى عليه.
فلمّا حسن أمره تجهّز للقاء الترك ثانيا بعد أمور صدرت بينهم، والتقى معهم فانكسر ثانيا؛ واستولوا عليه وجعلوه فى قفص خديد؛ فبقى فيه مدّة وهو يخدم نفسه وليس معه أحد. واقتصّ الله منه للخليفة المسترشد وابنه الراشد ما كان فعله معهما حسب ما تقدّم ذكره. وامتحن بأشياء إلى أن مات، على ما يأتى ذكره إن شاء الله.
وفيها توفّى القاضى محفوظ «٢» بن أبى محمد الحسن بن صصرى أبو البركات، ويعرف بالقاضى الكبير. كان إماما عالما مشهورا بالخير والعفاف. ومات بدمشق فى ذى الحجّة وقد بلغ ثمانين سنة.
وفيها توفّى الشيخ الزاهد المسلّك أبو العبّاس أحمد بن أبى غالب بن الطّلاية الصوفىّ العارف فى شهر رمضان.