السلطان الملك الظّاهر سيف الدين أبو الفتح ططر، تسلطن بعد خلع السلطان الملك المظفّر أحمد ابن الملك المؤيد شيخ فى يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، بقلعة دمشق، وكان الموافق لهذا اليوم يوم نوروز القبط بمصر. ولبس خلعة السّلطنة من قصر قلعة دمشق، وركب بشعار السّلطنة وأبّهة الملك، ولقّب بالملك الظاهر ططر، وذلك بعد أن ثبت خلع الملك المظفّر، وحضر الخليفة المعتضد بالله داود والقضاة بقلعة دمشق، وبايعوه بالسلطنة بحضرة الملأ من الأمراء والخاصّكيّة، بعد أن سألهم الخليفة فى قيامه فى السلطنة، فقالوا الجميع: نحن راضون بالأمير الكبير ططر، وتمّ أمره فى السّلطنة، وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه، وحملت القبّة والطّير على رأسه، وخطب له على منابر دمشق من يومه. والملك الظاهر هذا هو السلطان الثلاثون من ملوك الترك بالديار المصرية، والسادس من الچراكسة وأولادهم.
قال المقريزى رحمه الله: كان چاركسى الجنس، يعنى عن الملك الظاهر ططر، ربّاه بعض التّجّار، وعلّمه شيئا من القرآن وفقه الحنفيّة، وقدم به إلى القاهرة فى سنة إحدى وثمانمائة وهو صبىّ، فدلّ عليه الأمير قانى باى- لقرابته به- وسأل السلطان الملك الظاهر فيه، حتى أخذه من تاجره، ومات السلطان قبل أن يصرف ثمنه، فوزن الأمير الكبير أيتمش ثمنه اثنى عشر ألف درهم، ونزّله فى جملة مماليك الملك الظاهر فى الطّباق ونشأ بينهم، وكان الملك الناصر أعتقه، فلم يزل فى جملة مماليك الطّباق حتى عاد السلطان الملك الناصر فرج إلى الملك بعد أخيه المنصور عبد العزيز، فأخرج له الخيل وأعطاه إقطاعا فى الحلقة، فانضمّ على الأمير نوروز الحافظى، وتقلب معه فى تلك الفتن- انتهى كلام المقريزى باختصار.