قلت: هذا هو الخباط «١» بعينه، ولم أقف على هذا النقل إلا من خطّه بعد موته، ولم أسمه من لفظه، فإن هذا القول يستحيا من ذكره؛ فأما قوله «اشتراه الملك الظاهر برقوق من تاجره» فمسلّم غير أنه قبل سنة إحدى وثمانمائة، وأنه لم يعط ثمنه فيمكن، وأما قوله «وأعتقه الملك الناصر فرج» فهذا القول لم يقله أحد غيره، وبإجماع المماليك الظاهرية إن الملك الظاهر برقوق أعتقه، وأخرج له الخيل والقماش فى عدّة كبيرة من المماليك، منهم جماعة [كبيرة]«٢» فى قيد الحياة إلى يومنا هذا، ثم أخرج الملك الظاهر خرجا آخر من المماليك بعد ذلك قبل موته، من جملتهم الملك الأشرف برسباى الدّقماقى، والملك الظاهر جقمق العلائى وغيره، وكانت عادة برقوق، أنه لا يخرج لمماليكه الجلبان خيلا، إلا بعد إقامتهم فى الأطباق مدّة سنين، وأنّه لا يخرج فى سنة واحدة خرجين، وإنّما كان يخرج فى كل مدّة طويلة خرجا من مماليكه، ثم يتبعه بعد ذلك بمدّة طويلة بخرج آخر، وهذه كانت عادة ملوك السّلف، فعلى هذا يكون مشترى ططر هذا قبل سنة إحدى وثمانمائة بسنين.
ولما أراد الملك الظاهر عتق ططر المذكور، عرضه فى جملة من عرض من مماليك الطّباق الكتابيّة، وكان ططر قصير القامة، فاعتقد الظاهر أنه صغير، فردّه إلى الطّبقة فيمن ردّ من صغار المماليك، وكان الأمير جرباش الشّيخىّ الظاهرىّ «٣» رأس نوبة واقفا، فمسك ططر من كتفه وقال: يا مولانا السلطان، هذا فقيه طالب علم، قرناص «٤» يستأهل الخير، فأمر له الملك الظّاهر بالخيل وكتب عتاقته أمام السلطان الملك الظاهر سويدان المقرى، فكان ططر فى أيّام إمرته، وبعد سلطنته، كلّما رأى الناصر محمد