وأما برقوق فإنه استمرّ على حاله كما كان قبل مسك بركة وقتله وإليه حلّ المملكة وعقدها ولم يجسر على السلطنة، وبينما هو في ذلك مرض السلطان الملك المنصور علىّ ولزم الفراش، حتى مات بين الظهر والعصر من يوم الأحد ثالث عشرين صفر سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة ودفن من ليلته بعد عشاء الآخرة في تربة «١» جدّته لأبيه خوند بركة بالقبّة التي بمدرستها بالتبانة. وكان الذي تولّى تجهيزه وتغسيله ودفنه الأمير قطلوبغا الكوكائىّ. وكانت مدّة سلطنته على ديار مصر خمس سنين وثلاثة أشهر وعشرين يوما. ومات وعمره اثنتا عشرة سنة ولم يكن له في سلطنته سوى مجرّد الاسم فقط. وإنما كان أمر المملكة في أيام سلطنته إلى قرطاى أوّلا ثم إلى برقوق آخرا، وهو كالآلة معهم لصغر سنه ولغلبتهم على الملك. وتسلطن من بعده أخوه أمير حاج ابن الملك الأشرف شعبان بن حسين ولم يقدر برقوق- مع ما كان عليه من العظمة- أن يتسلطن. وكان الملك المنصور علىّ مليح الشكل حسن الوجه، حشيما كثير الأدب واسع النفس كريما. رحمه الله تعالى.
[ما وقع من الحوادث سنة ٧٧٩]
السنة الأولى من سلطنة الملك المنصور على ابن الملك الأشرف شعبان على مصر وهي سنة تسع وسبعين وسبعمائة، على أنه تسلطن في الثامن من ذى القعدة من السنة الخالية.
فيها. (أعنى سنة تسع وسبعين وسبعمائة) كانت واقعة قرطاى الطازىّ مع صهره أينبك البدرىّ وقتل قرطاى. ثم بعد مدّة قتل أينبك أيضا.