السنة الأولى من ولاية جوهر الرومىّ المعزّى القائد على مصر، وهى سنة تسع وخمسين وثلثمائة.
فيها أقامت الرافضة المأتم على الحسين بن علىّ ببغداد في يوم عاشوراء على عادتهم وفعلهم القبيح في كلّ سنة.
وفيها ورد الخبر في المحرّم بأن تقفور ملك الروم خرج بالروم إلى جهة أنطاكية ونازلها وأحاط بها وقاتل أهلها حقى ملكها بالأمان؛ ثم أخرج أهلها منها وأطلق العجائز والشيوخ والأطفال، وقال لهم: امضوا حيث شئتم، ثم أخذ الشباب والصبيان والغلمان سيا؛ فكانوا أكثر من عشرين ألفا. وكان تقفور المذكور قد طغى وتجبّر وقهر العباد وملك البلاد وعظمت هيبته في قلوب الناس، واشتغل عنه الملوك بأضدادهم فاستفحل أمر تقفور بذلك. ثم تزوّج تقفور المذكور بامرأة الملك الذي كان قبله على كره منها؛ وكان لها ولدان، فأراد تقفور أن يخصيهما ويهديهما للبيعة ليستريح منهما لئلا يملكا الروم في أيامه أو بعده؛ فعلمت زوجته أمّهما بذلك، فأرسلت الى الدمستق ليأتى إليها في زىّ النساء ومعه جماعة «١» فى زى النساء؛ فجاءوا وباتوا عندها ليلة الميلاد، فوثبوا عليه وقتلوه؛ وأجلس فى الملك بعده ولدها الأكبر، وتّم لها ما أرادت. ولله الحمد على موت هذا الطاغية.
وفيها في ذى الحجة انقضّ بالعراق كوكب عظيم أضاءت منه الدنيا حتى صار كأنّه شعاع الشمس وسمع في انقضاضه صوت كالرعد الشديد، فهال «٢» ذلك الناس وارتعجوا «٣» له.