قال أبو المظفّر فى تاريخه:«فى شعبان أخذ الفرنج دمياط، وكان المعظّم قد جهّز إليها الناهض بن الجرخى «١» فى خمسمائة راجل، فهجموا على الخنادق فقتل ابن الجرخى ومن كان معه، وصفّوا رءوس القتلى على الخنادق، وكان الفرنج قد طمّوها (يعنى الخنادق) وضعف أهل دمياط وأكلوا الميتات، وعجز الملك الكامل عن نصرتهم، ووقع فيهم الوباء والفناء، فراسلوا الفرنج على أن يسلّموا إليهم البلد ويخرخوا منه بأموالهم وأهلهم، واجتمعوا؟؟؟ وحلّفوهم على ذلك، فركبوا فى المراكب وزحفوا فى البرّ والبحر، وفتح لهم أهل دمياط الأبواب، فدخلوا ورفعوا أعلامهم على السّور، وغدروا بأهل دمياط، ووضعوا فيهم السيف قتلا وأسرا، وباتوا تلك الليلة بالجامع يفجرون بالنساء، ويفتضّون البنات، وأخذوا المنبر والمصاحف ورءوس القتلى، وبعثوا بها إلى الجزائر، وجعلوا الجامع كنيسة؛ وكان أبو الحسن ابن قفل «٢» بدمياط، فسألوا عنه، فقيل لهم: هذا رجل صالح من مشايخ المسلمين يأوى اليه الفقراء، فما تعرّضوا له. ووقع على المسلمين «٣» كآبة عظيمة. وبكى الكامل والمعظّم بكاء شديدا، ثم تأخّرت العساكر عن تلك المنزلة. ثم قال الكامل لأخيه المعظّم:
قد فات المطلوب، وجرى المقدر بما هو كائن، وما فى مقامك هاهنا فائدة؛ والمصلحة أن تنزل إلى الشام تشغل خواطر الفرنج، وتستجلب العساكر من بلاد الشرق.
قال أبو المظفّر: فكتب المعظّم إلىّ وأنا بدمشق كتابا بخطّه، يقول- فى أوّله «٤» -