السنة الرابعة من سلطنة الملك الناصر حسن الثانية على مصر وهى سنة تسع وخمسين وسبعمائة.
فيها توفّى الأمير سيف الدين صرغتمش بن عبد الله الناصرىّ فى سجنه بثغر الإسكندرية فى ذى الحجّة. وكان أصله من مماليك الناصر محمد بن قلاوون وترقّى حتى صار من أكابر الأمراء ومدبّرى الديار المصرية مع الأمير شيخون وبعده وقد تقدّم من ذكره فى ترجمة الملك الصالح والملك الناصر حسن ما يكتفى بذكره هناك: ولمّا حبسه الملك الناصر حسن بثغر الإسكندرية كتب إليه صرغتمش كتابا يتخضّع إليه فيه وفى أوّله: [الكامل]
قلبى يحدّثنى بأنّك متلفى ... روحى فداك عرفت ألم تعرف «١»
فلم يلتفت الملك الناصر لكتابه وفعل به ما قدّر عليه وكان صرغتمش عظيما فى الدولة فاضلا مشاركا فى فنون يذاكر بالفقه والعربيه ويحبّ العلماء وأرباب الفضائل ويكثر من الجلوس معهم وهو صاحب المدرسة «٢» بخطّ الصليبة وله برّ وصدقات، إلا أنه كان فيه ظلم وعسف مع جبروت.
وتوفّى القاضى «٣» شرف الدين أبو البقاء خالد بن عماد الدين إسماعيل بن محمد ابن عبد الله بن محمد بن محمد بن خالد بن محمد بن نصر المخزومى الشافعىّ المعروف بابن القيسرانىّ الحلبى ثم الدّمشقى بدمشق عن نيّف وخمسين سنة وكان كاتبا فاضلا مصنفا باشر كتابة الإنشاء بدمشق ووكالة بيت المال وسمع الكثير.