السنة الرابعة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة إحدى عشرة وثمانمائة.
فيها توفّى قاضى القضاة كمال الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم بن محمد [بن عمر ابن عبد العزيز]«١» الحلبىّ الحنفى ابن أبى جرادة، المعروف بابن العديم، قاضى قضاة حلب ثمّ الدّيار المصريّة بها- وهو قاض- فى ليلة السبت ثانى عشر جمادى الآخرة، ومولده بحلب فى سنة إحدى «٢» وسبعين وسبعمائة، ودفن بالحوش المجاور لتربة طشتمر حمّص أخضر بالصّحراء.
وتولّى القضاء من بعده ابنه قاضى القضاة ناصر الدين محمد بسفارة الوالد؛ لكونه كان متزوّجا بإحدى أخواتى، وكان القاضى كمال الدّين المذكور رئيسا عالما فاضلا حشما، وجيها عند الملوك وقورا، وله مكارم وأفضال، وقد ثلبه الشيخ تقىّ الدّين المقريزىّ بأمور هو برىء عنها؛ لأمر كان بينهما- عفى الله عنهما.
وتوفّى الأمير سيف «٣» الدّين يلبغا بن عبد الله السّالمىّ الظّاهرىّ الأستادار- خنقا- بعد عصر يوم الجمعة بسجن الإسكندريّة.
قال المقريزىّ:«وكان مخلّطا خلط العمل الصّالح بعمل سيّئ» وساق حكاياته فى عدّة أسطر، وقد ذكرنا معنى كلامه وأزيد فى حقّ السّالمىّ فى ترجمة الملك الظّاهر برقوق، ثمّ فى ترجمة الملك النّاصر مفصّلا إلى يوم وفاته، وفى ذلك كفاية عن الإعادة.