ثلاثة آلاف وخمسمائة، وقال له عمر: سر وأنا مستخير الله في مسيرك، وسيأتيك كتابي سريعًا إن شاء الله تعالى، فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئاً من أرضها فانصرف، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره.
فسار عمرو بن العاص من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس فاستخار عمر «١» وكاتبه يتخوف على المسلمين بالرجوع، فأدرك الكتاب عمرا وهو برمح؛ فتخوف عمرو إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر، فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار كما هو حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش، فسأل [عنها]«٢» فقيل: إنها من أرض مصر، فدعا بالكتاب وقرأه على المسلمين؛ فقال عمرو لمن معه: ألستم تعلمون أنّ هذه القرية من أرض مصر؟ قالوا: بلى، قال:
فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع، ولم يلحقني كتابه حتى دخلنا أرض مصر، فسيروا وامضوا على بركة الله. وقيل غير ذلك: وهو أن عمر أمره بالرجوع وخشن عليه في القول.
وروي نحو مما ذكرنا من وجه آخر، من ذلك: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقال عمر له: كتبت إلى عمرو بن العاص أن يسير إلى مصر من الشأم، فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، إن عمراً لمجرأ وفيه إقدام وحب للإمارة، فأخشى أن يخرج في غير ثقة ولا جماعة فيعرض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا يدرى تكون أم لا، فندم عمر على كتابه إلى