ولما كان ثامن عشر ذى الحجة قدم كتاب الملك العادل سليمان الأيّوبى صاحب حصن كيفا من ديار بكر على السلطان يتضمّن موت الأمير قرا يوسف «١» بن قرا محمد صاحب تبريز والعراق فى رابع عشر ذى القعدة مسموما فيما بين السّلطانيّة وتبريز، وهو متوجّه لقتال القان معين الدين شاه رخّ بن تيمورلنك، فلم يتمّ سرور السلطان بموته لشغله بنفسه.
ثم فى ثامن عشرين ذى الحجة وصل مبشّر الحاج فطلبه السلطان وسأله عن أمور الحجاز، كل ذلك والسلطان صحيح العقل بل ربما دبّر أمور مملكته فى بعض الأحيان.
ثم فى يوم السبت تاسع عشرينه أرجف فى باكر النهار بموت السلطان، وكان أغمى عليه، فلما أفاق قيل له إن بعض الناس يقول: سيّدى أحمد ولد السلطان صغير صغرا لا تصحّ سلطنته، وشاوروه فى إثبات عهده فرسم لهم بذلك، فأثبت عهده على قاضى القضاة زين الدين عبد الرحمن التّفهنى الحنفى بالسلطنة، ثم نفّذ العهد على بقيّة القضاة، فكثر عند ذلك اضطراب الناس بالقاهرة واختلفت الأقوال فى ضعف السلطان وأمره، وتوقّعوا فتنة، واشتد خوف خواصّ السلطان، ونقلوا ما فى دورهم من القماش المثمّن وغير ذلك.
[ما وقع من الحوادث سنة ٨٢٤]
واستهلّ المحرّم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة والسلطان ملازم للفراش، وقد أفرط به الإسهال الدّموىّ مع تنوّع الأسقام وتزايد الآلام، بحيث إنه لم يبق مرض من الأمراض حتى اعثراه فى هذه الضّعفة، غير أنه صحيح العقل والفهم طلق اللسان.
فلما كان يوم الخميس خامس المحرّم سنة أربع وعشرين المذكورة طلع الأمراء والأعيان إلى قلعة الجبل وجلسوا على باب السّتارة، فخرج إليهم بعض الخدّام واعتذر لهم عن دخولهم بشدة ضعف السلطان، فانصرفوا، وكانوا على هذا مدّة أيام، يطلعون فى كل يوم موكب، ويجلسون بباب الدور، ثم ينزلون من غير أن يجتمعوا بالسلطان.
هذا وقد افترقت الأمراء والعساكر فرقا: فرقة من أعيان المؤيديّة وكبيرهم الأمير