السنة الأولى من ولاية المستنصر معدّ على مصر وهى سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
فيها فى المحرّم خلع الخليفة القائم بأمر الله على الأفضل أبى تمّام محمد بن محمد ابن علىّ الزينبىّ الحنفىّ العلوىّ وفوّض إليه نقابة الهاشميّين والصلاة، وأمره باستخلاف أبى منصور محمد على ذلك؛ وأحضر الخليفة القضاة والأعيان وقال لهم:
قد عوّلنا على محمد بن محمد بن علىّ الزينتى فى نقابة أهله من العباسيّين رعاية لحقوق سالفة. فقبّل أبو تمّام الأرض؛ وخلع عليه السّواد والطيلسان، ولقّب عميد الرؤساء.
وفيها لم يحجّ أحد من العراق. وحجّ الناس من مصر وغيرها.
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان الإمام العلّامة أبو الحسين الحنفىّ الفقيه البغدادى المشهور بالقدورىّ- قال أبو بكر «١» الخطيب: لم يحدّث إلّا شيئا يسيرا؛ كتبت عنه، وكان صدوقا، انتهت إليه بالعراق رياسة أصحاب أبى حنيفة، وعظم [عندهم]«٢» قدره وارتفع جاهه، وكان حسن العبارة فى النظر، جرىء اللسان مديما للتلاوة. قلت: والفضل ما شهدت به الأعداء، ولولا أنّ شأن هذا الرجل كان قد تجاوز الحدّ فى العلم والزّهد ما سلم من لسان الخطيب، بل مدحه مع عظم تعصّبه على السادة الحنفية وغيرهم؛ فإنّ عادته ثلم أعراض العلماء والزّهّاد بالأقوال الواهية، والروايات المنقطعة، حتّى أشحن تاريخه من هذه القبائح. وصاحب الترجمة هو مصنّف «مختصر القدّورىّ» فى فقه الحنفية، و «شرح مختصر الكرخىّ»