السنة الثالثة من ولاية الملك المعزّ أيبك التّركمانىّ على مصر، وهى سنة خمسين وستّمائة.
فيها وصلت التّتار إلى الجزيرة ونهبوا ديار بكر وميّافارقين، وجاءوا إلى رأس «١» عين وسروج «٢» وغيرها، وقتلوا زيادة على عشرة آلاف إنسان، وصادفوا قافلة خرجت من حرّان «٣» تقصد بغداد، فأخذوا منها أموالا عظيمة: منها ستّمائة حمل سكّر مصرىّ وستّمائة ألف دينار، قاله أبو المظفّر فى مرآة الزمان، قال: وقتلوا الشيوخ والعجائز وساقوا من النساء والصّبيان ما أرادوا، ثم رجعوا إلى خلاط «٤» . وقطع أهل الشرق الفرات وخاض الناس فى القتلى من دنيسر «٥» إلى الفرات. قال بعض التّجار:
عددت على جسر بين حرّان ورأس عين فى مكان واحد ثلثمائة وثمانين قتيلا من المسلمين؛ ثم قتل ملك التّتار كشلوخان.
وفيها حجّ بالناس من بغداد بعد أن كان بطل الحجّ منذ عشر سنين من سنة مات الخليفة المستنصر.
وفيها قدم الشيخ نجم «٦» الدين البادرانىّ رسولا من الخليفة وأصلح بين المعزّ أيبك صاحب الترجمة وبين الناصر يوسف، وقد تقدّم ذلك، وكان كلّ واحد من الطائفتين قد سئم وضرس «٧» من الحرب، وسكنت الفتنة بين الملوك واستراح الناس.