ولما كان يوم الاثنين ثالث عشرين شهر رمضان ورد الخبر على السلطان بأخذ مدينة قبرس وأسر ملكها جينوس بن جاك، فدقّت البشائر بالقلعة لهذا الفتح ثلاثة أيام، وكان من خبر ذلك أن الغزاة لما ساروا من الثّغور المذكورة إلى جهة قبرس وصلوا إلى مدينة اللّمسون مجتمعين ومتفرّقين، فبلغهم من أهل اللّمسون أن متملك قبرس جاءه نجدة كبيرة من ملوك الفرنج، وأنه استعدّ لقتالهم كما تقدّم ذكره، ولما وصلوا إلى اللّمسون نازلوا قلعتها وقاتلوا من بها حتى أخذوها عنوة فى يوم الأربعاء سادس عشرين شعبان، ونهبوها وسبوا أهلها، وقتلوا جماعة كبيرة ممن كان بها من الفرنج، ثم هدموها عن آخرها، وساروا منها فى يوم الأحد أوّل شهر رمضان من سنة تسع وعشرين المقدم ذكرها بعد أن أقاموا عليها نحو ستة أيام، وساروا فرقتين فرقة فى البرّ وعليهم الأمير تغرى بردى المحمودى والأمير حسين بن أحمد المدعو تغرى برمش أحد مقدّمى الألوف ومن انضاف إليهم من أمراء الطبلخانات والعشرات والعساكر [المصرية والشاميّة]«١» من الخيّالة والرّجّالة، وفرقة فى البحر ومقدّمهم الأمير إينال الجكمىّ أمير مجلس، والأمير قرامراد خجا الشّعبانىّ أحد مقدّمى الألوف بمن انضاف إليهم من العساكر المصرية والشاميّة، وكان سبب مسير هؤلاء فى البحر مخافة أن يطرق الفرنج المراكب من البحر ويأخذوها ويصير المسلمون ببلادهم يقاتلونهم على هيئتهم، وكان ذلك من أكبر المصالح، ثم سار الذين فى البرّ متفرقين حتى صاروا بين اللّمسون والملّاحة وهم من غير تعبئة لقتال بل على صفة السّفار غير أنّ على بعضهم السلاح وأكثرهم بلا سلاح لشدّة الحر، وصار كلّ واحد من القوم يطلب قدّاما من غير أن يتربّص أحدهم لآخر، وفى ظنهم أن صاحب قبرس لا يلقاهم إلا خارج قبرس، وتأخّر الأمراء ساقة العسكر كما هى عادة مقدّمى العساكر،