للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والناس تجدّ فى السّير إلى أن يقاربوا قبرس [ثم] «١» يقفوا هناك يريحون [خيلهم] «٢» إلى أن تكتمل العساكر وتتهيّأ الأطلاب للقتال ثم يسيرون جملة واحدة بعد التعبئة والمصاففة.

وبينما هم فى السير إذا هم بمتملك قبرس بجيوشه وعساكره ومن انضاف إليه من ملوك الفرنج وغيرها وقد ملأت الفضاء، وكان الذين وافاهم صاحب قبرس من المسلمين الذين سبقوا طائفة قليلة جدا وأكثرهم خيّالة من أعيان المماليك السلطانية، فعندما وقع العين على العين لم يتمالك المسلمون أن يصبروا لمن خلفهم حتى يصيروا جملة واحدة بل انتهزوا الفرصة وتعرّضوا للشهادة، وقال بعضهم لبعض: هذه الغنيمة، ثم حرّكوا خيولهم وقصدوا القوم بقلب صادق- وقد احتسبوا نفوسهم فى سبيل الله- وحملوا على الفرنج حملة عظيمة [وصاحوا الله أكبر] «٣» وقاتلوهم أشدّ قتال، وأردفهم بعض جماعة وتخلّف عنهم أخر، منهم رجل من أكابر الخاصّكيّة أقام يستظلّ تحت شجرة [كانت] «٤» هناك، وتقاتل المسلمون مع الفرنج قتالا شديدا، قتل فيه السّيفى تغرى بردى المؤيّدى الخازندار، وكان من محاسن الدنيا، لم ترعينى أكمل منه فى أبناء جنسه، والسّيفى قطلوبغا المؤيّدى البهلوان، وكان رأسا فى الصّراع، ومن مقولة تغرى بردى المقدّم ذكره فى الشجاعة والفروسيّة، والسيفى إينال طاز البهلوان، والسّيفى نانق اليشبكىّ وهؤلاء الأربعة من الأعيان والأبطال المعدودة- عوّض الله شبابهم الجنة بمنّه وكرمه- ثم قتل من المسلمين جماعة أخر، وهم مع قلتهم ويسير عددهم فى ثبات إلى أن نصر الله الإسلام، ووقع على الكفرة الخذلان وانكسروا، وأسر متملك قبرس مع كثرة جموعه وعظم عساكره التى لا تحصر، وقلة عسكر المسلمين، حتى إن الذي كان حضر أوائل الوقعة أقل من سبعين نفسا قبل أن يصل إليهم الأمير إينال العلائى الناصرى أحد أمراء الطبلخانات [ورأس نوبة ثالث] «٥» وهو الملك الأشرف إينال، والأمير تغرى برمش، ثم تتابع القوم طائفة بعد طائفة؛ كلّ ذلك بعد أن انكسرت الفرنج وأسر