السنة السادسة من ولاية تكين الرابعة على مصر، وهى سنة سبع عشرة وثلثمائة- فيها خلع أمير المؤمنين المقتدر بالله جعفر من الخلافة، خلعه مؤنس الخادم ونازوك الخادم وأبو الهيجاء عبد الله بن حمدان، وأحضروا من دار الخلافة «١» محمد ابن الخليفة المعتضد، وبايعوه بالخلافة ولقّبوه بالقاهر بالله؛ وذلك في الثّلث الأخير من ليلة السبت خامس عشر المحرّم من السنة المذكورة. وتولّى أبو علىّ بن مقله صاحب الخط المنسوب [اليه] الوزارة، وقلّد نازوك الحجبة مضافة الى شرطة بغداد، وأضيف الى أبى الهيجاء عبد الله بن حمدان ولاية حلوان والدّينور ونهاوند وهمذان وغيرها مع ما كان بيده قبل ذلك من الولايات، مثل: الموصل والجزيرة وميّافارقين.
ووقع النهب في دار الخلافة؛ وكان لأمّ المقتدر سمّائة ألف دينار في الرصّافة فأخذت؛ واستتر المقتدر عند»
أمّه. وبعد ثلاثة أيّام حضرت الرّجّالة من الجند وامتلأت دار الخلافة وازدحم الناس ودخلوا الى المقتدر وحملوه على رقابهم، وصاحوا: يا مقتدر يا منصور، وخرجوا به وبايعوه ثانيا بالخلافة بعد أمور وقعت بين القوّاد والجند من وقائع وحروب؛ وقتل أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان ونازوك، وخلع القاهر محمد، وأمّنه أخوه المقتدر هذا؛ وسكنت الفتنة بعد حروب وقعت ببغداد وقتل فيها عدّة من الأعيان والجند. قلت: وهذه ثانى مرّة خلع فيها المقتدر من الخلافة؛ لأنه خلع أوّلا بعبد الله بن المعتزّ في شهر ربيع الأول سنة ستّ وتسعين ومائتين، وهذه الثانية.
ثم استقر بعد هذه في الخلافة الى أن مات، حسبما يأتى ذكره في محلّة. وفيها ظهر