هارون بن غريب ودخل الى مؤنس وسلّم عليه، وقلّد الجبل فخرج إليه. وقلّد المقتدر إبراهيم ومحمدا ابنى رائق شرطة بغداد، وقلّد مظفّر بن ياقوت الحجابة. وماتت ثمل القهرمانة وخلّفت أموالا كثيرة. وفيها سيّر المقتدر ركب الحاجّ مع منصور الديلمىّ فوصلوا الى مكّة سالمين؛ فوافاهم يوم التروية عدوّ الله أبو طاهر القرمطىّ فقتل الحجيج قتلا ذريعا في فجاج مكّة وفي داخل البيت الحرام- لعنه الله- وقتل ابن محارب أمير [مكة]«١» ، وعرّى البيت، وقلع باب البيت، واقتلع الحجر الأسود وأخذه، وطرح القتلى فى بئر زمزم، وفعل أفعالا لا يفعلها النصارى ولا اليهود بمكّة؛ ثم عاد الى هجر ومعه الحجر الأسود؛ فدام الحجر الأسود عندهم الى أن ردّ الى مكانه في خلافة المطيع، على ما سيأتى ذكره إن شاء الله تعالى. [وجلس «٢» أبو طاهر على باب الكعبة والرجال تصرع حوله في المسجد الحرام يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول] :
أنا لله وبالله أنا ... يخلق الخلق وأفنيهم أنا «٣»
ودخل رجل من القرامطة الى حاشية الطواف وهو راكب سكران، فبال فرسه عند البيت، ثم ضرب الحجر الأسود بدبّوس فكسره ثم اقتلعه. وكانت إقامة القرمطىّ بمكّة أحد عشر يوما. فلما عاد القرمطىّ الى بلاده رماه الله تعالى في جسده حتى طال عذابه وتقطّعت أوصاله وأطرافه وهو ينظر اليها، وتناثر الدود من لحمه.
قلت: هذا ما عذّب به في الدنيا، وأما الأخرى فأشدّ إن شاء الله تعالى وأدوم عليه