وأعوانه وذرّيته لعنة الله عليهم. وفيها وقعت الوحشة بين الأمير تكين أمير مصر صاحب الترجمة وبين محمد بن طغج أمير الحوف، فخرج محمد بن طغج من مصر سرّا «١» خوفا من تكين ولحق بالشام. وفيها هلك القرمطىّ أبو طاهر سليمان بن أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنّابىّ القرمطىّ لعنه الله. ولى أبو طاهر هذا أمر القرامطة بعد موت أبيه- عليهما اللعنة- بوصيّة أبيه إليه، وغلط أبو القاسم السّمنانىّ «٢» فى تاريخه، قال: الذي قلع الحجر الأسود أبو سعيد الجنّابىّ «٣» ؛ وإنما هو ابنه أبو طاهر هذا، عليهما اللعنة. ولما ولى أبو طاهر هذا أمر القرامطة قوى أمره وحارب عساكر الخليفة، واتسع ملكه وكثرت جنوده ونال من الدنيا ما لم ينله أبوه ولا جدّه؛ وكان زنديقا ملحدا لا يصلّى ولا يصوم شهر رمضان، مع أنه كان يظهر الإسلام ويزعم أنه داعية المهدىّ عبيد الله. وقد تقدّم من أخباره ما فيه كفاية عن ذكره هنا: من قتله الحجّاج، وسفكه الدماء، وأخذه أموال الناس، وأشياء كثيرة من ذلك.
وقد كان هذا الملعون أشدّ ما يكون من البلاء على الإسلام وأهله، وطالت أيّامه.
ومنهم من يقول: إنه هلك عقيب أخذه الحجر الأسود- أعنى في هذه السنة- والظاهر «٤» خلافه. وكان أبو طاهر المذكور مع قلّة دينه عنده فضيلة وفصاحة وأدب. ومن شعره القصيدة التى أوّلها:
أغرّكم منّى رجوعى الى هجر ... فعمّا قليل سوف يأتيكم الخبر
إذا طلع المرّيخ من أرض بابل ... وقارنه كيوان فالحذر الحذر
فمن مبلغ أهل العراق رسالة ... بأنّى أنا المرهوب «٥» فى البدو والحضر