أنضم على المأمون من القواد، ووقع له أمور بمصر ذكرنا بعضها إلى أن أعيد إليها ثانياً، واستمر بها إلى أن توفي، حسبما تقدّم ذكره.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢٠٢]
السنة الأولى من ولاية السري بن الحكم الثانية على مصر وهي سنة اثنتين ومائتين، على أنه حكم فيها من الخالية من شعبان إلى آخرها حسبما تقدم ذكره- فيها، أعني سنة اثنتين ومائتين، بايع العباسيون إبراهيم بن المهدي ولقبوه بالمبارك المنير.
وأول من بايع إبراهيم بن المهدي المذكور عبد الله بن العباس بن محمد بن علي العباسي ثم أخوه منصور بن المهدي ثم بنو عمه ثم القواد؛ وخلعوا المأمون من الخلافة لكونه أخرج العباسيين من ولاية العهد وجعلها في العلويين، ولبس الخضرة وترك لبس السواد الذي هو شعار بني العباس. ووقع بولاية إبراهيم هذا أمور وفتن وحروب آلت إلى خلع إبراهيم هذا وهربه واختفائه، كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وفيها خرج المأمون من مرو يريد العراق، وكانت الحرب قائمة بين الحسن بن سهل وبين إبراهيم بن المهدي المذكور. وفيها توفي الحسن بن الوليد أبو علي النيسابوري، وقيل أبو عبد الله القرشي، كان من خراسان وقدم إلى بغداد وحدث بها؛ وكان يطعم أهل الحديث الفالوذج، وقرأ على الكسائي، وكان له ثروة ومال ينفقه على العلماء ويغزو الترك ويحج في كل عام. وفيها توفي الفضل بن سهل بن عبد الله، وزير المأمون وعظيم دولته، ذو الرياستين أبو عبد الله؛ كان أبوه سهل من أولاد ملوك المجوس، أسلم في أيام هارون الرشيد واتصل بيحيى البرمكي، واتصل ابناه الفضل هذا وأخوه الحسن بالفضل وبجعفر ابني يحيى البرمكي؛ فضم جعفر البرمكي الفضل هذا إلى المأمون وهو ولي عهد الخلافة، فغلب على المأمون بخلاله الجميلة من الوفاء والبلاغة والكتابة حتى صار أمر المأمون كله بيده، لا سيما [أنه] لما ولي الخلافة ولّاه