ورجع فى شهر ربيع الأوّل من السنة الى مصر؛ وعند حضوره الى مصر بلغه ثانيا نزول الروم إلى دمياط، فخرج أيضا من مصر لوقته وتوجّه الى دمياط فلم يلقهم، فأقام بالثغر مدّة ثم عاد الى مصر. ثم بدا له تعطيل الرّهان الذي كان لسباق الخيل بمصر وباع الخيل التى كانت تتّخذ للسّباق بمصر. ثم تتبّع الروافض بمصر وأبادهم وعاقبهم وامتحنهم وقمع أكابرهم، [وحمل منهم «١» جماعة الى العراق على أقبح وجه] ؛ ثم التفت الى العلويّين، فجرت عليهم منه شدائد من الضّيق عليهم وأخرجهم من مصر. وفى أيّامه فى سنة سبع وأربعين ومائتين بنى مقياس النيل بالجزيرة المنعوتة بالرّوضة.
ذكر أوّل من قاس النّيل بمصر
أوّل من قاسه يوسف الصدّيق بن يعقوب نبىّ الله عليه السلام. وقيل: إنّ النيل كان يقاس بأرض علوة الى أن بنى مقياس منف، وإنّ القبط كانت تقيس عليه الى أن بطل لما بنت دلوكة العجوز صاحبة مصر مقياسا بأنصنا «٢» ، وكان صغير الذّرع؛ ثم بنت مقياسا آخر بإخميم. ودلوكة هذه هى التى بنت الحائط المحيط بمصر من العريش الى أسوان، وقد تقدّم ذكرها فى أوّل هذا الكتاب عند ذكر من ملك مصر من الملوك قبل الإسلام. وقيل: إنهم كانوا يقيسون الماء قبل أن يوضع المقياس بالرّصاصة، وقيل غير ذلك. فلم يزل المقياس فيما مضى قبل الفتح بقيساريّة الأكسية الى أن ابتنى المسلمون بين الحصن والبحر أبنيتهم الباقية الآن. وكان للروم أيضا