من السنة وسجن، وكان القاضى المذكور من رءوس الجهميّة «١» . وولى القضاء بعده بمصر الحارث بن مسكين بعد تمنّع، وأمر بإخراج أصحاب أبى حنيفة والشافعى رضى الله عنهما من المسجد، ورفعت حصرهم، ومنع عامّة المؤذنين من الأذان. وكان الحارث قد أقعد، فكان يحمل فى محفّة الى الجامع، وكان يركب حمارا متربّعا، ثم ضرب الذين يقرءون بالألحان، ثم حمله أصحابه [على] النظر فى أمر القاضى المعزول- أعنى ابن أبى اللّيث المقدّم ذكره- وكانوا قد لعنوه بعد عزله وغسلوا موضع جلوسه فى المسجد، فصار الحارث بن مسكين يوقف القاضى محمد بن أبى الليث المذكور ويضربه كلّ يوم عشرين سوطا لكى يؤدّى ما وجب عليه من الأموال، وبقى على هذا أياما. ودام الحارث بن مسكين هذا قاضيا ثمان سنين حتى عزل بالقاضى بكّار ابن قتيبة الحنفىّ. واستمرّ الأمير عبد الواحد هذا على إمرة مصر إلى أن صرفه المنتصر عنها فى سلخ صفر سنة ثمان وثلاثين ومائتين بالأمير عنبسة بن إسحاق؛ وقدم إلى مصر خليفة عنبسة على صلاة مصر والشركة على الخراج فى مستهلّ شهر ربيع الأوّل، فكانت ولايته على مصر سنة واحدة وثلاثة أشهر وسبعة «٢» أيام.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢٣٧]
السنة الأولى من ولاية عبد الواحد بن يحيى على مصر وهى سنة سبع وثلاثين ومائتين- على أنه حكم بمصر من السنة الخالية من ذى القعدة إلى آخرها، وقد ذكرنا تلك السنة فى ترجمة إسحاق بن يحيى وليس ذلك بشرط فى هذا الكتاب- أعنى تحرير حكم أمير مصر فى السنة المذكورة- بل جلّ القصد ذكر حوادث السنة وإضافة ذلك لأمير من أمراء مصر.