ثم فى يوم الاثنين خامس عشرين المحرم سنة تسع وعشرين وثمانمائة خلع السلطان على الأمير إينال الشّشمانى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة باستقراره فى حسبة القاهرة عوضا عن قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى الحنفى.
ثم فى رابع عشرين المحرم قدم الأمير «١» تغرى بردى المحمودى رأس نوبة النوب وأمير حاج المحمل بالمحمل، وقدم معه [الأمير]«٢» الشريف حسن بن عجلان، فأكرمه السلطان وأنزله بمكان يليق به، ثم خلع عليه فى يوم سابع عشرينه باستقراره فى إمرة مكّة على عادته بعد أن التزم بحمل ثلاثين ألف دينار، وأرسل قاصده إلى مكّة ليحضر المبلغ المذكور، وأقام هو بالقاهرة رهينة، وقدم أيضا مع الحاج الأمير قرقماس الشّعبانى الناصرىّ أحد مقدّمى الألوف، بعد أن أقام بمكة نحو السنتين شريكا لأمير مكّة فى هذه المدّة، ومهّد أمورها وأقمع عبيد مكّة ومفسديها وأبادهم.
ثم فى يوم الأربعاء نصف صفر جمع السلطان الأمراء والقضاة وكثيرا من أكابر التجار وتحدّث معهم فى إبطال المعاملة بالذّهب المشخّص «٣» الذي يقال له الإفرنتى، وهو من ضرب الفرنج، وعليه شعار كفرهم الذي لا تجيزه الشريعة المحمديّة، وأن يضرب عوضه ذهبا عليه السّكّة الإسلامية، فضوّب من حضر رأى السلطان فى ذلك «٤» ، وهذا الإفرنتى المذكور قد كثرت المعاملة به فى زماننا من حدود سنة ثمانمائة فى أكثر مدائن الدّنيا مثل: القاهرة ومصر، والبلاد الشّاميّة، وأكثر بلاد الرّوم، وبلاد الشرق، والحجاز، واليمن، حتى صار هو النقد الرّائج والمطلوب فى المعاملات، وانفضّ المجلس على ذلك، وقد كثر ثناء الناس على السلطان بسبب إبطال ذلك.