القاهرة من داره سائرا إلى القلعة صاحت عليه العامة واستغاثوا بالأمراء وشكوا إليهم المحتسب، فعرّج عن الشارع وطلع إلى القلعة وهو خائف من رجم العامّة له وشكاهم إلى السلطان، وكان يختصّ به ويقرأ له فى اللّيل تواريخ الملوك ويترجمها له بالتّركيّة، فحنق السلطان وبعث طائفة من الأمراء إلى باب زويلة، فأخذوا أفواه السّكك ليقبضوا على الناس، فرجم بعض العبيد بعض الأمراء بحجر أصابه فقبض عليه وضرب، ثم قبض على جماعة كبيرة من الناس وأحضروا بين يدى السلطان، فرسم بتوسيطهم، ثم أسلمهم إلى الوالى فضربهم وقطع آنافهم وآذانهم وسجنهم ليلة السبت، ثمّ عرضوا من الغد على السلطان فأفرج عنهم، وعدّتهم اثنان وعشرون رجلا من المستورين ما بين شريف وتاجر، فتنكّرت القلوب من أجل ذلك، وانطلقت الألسنة بالدعاء وغيره- انتهى كلام المقريزى برمته.
وهو كما قال، غير أنه سكت عن رجم العامّة للعينتابىّ المذكور يريد بذلك تقوية الشّناعة على العينتابىّ لبغض كان بينهما قديما وحديثا.
ثمّ قدم كتاب الأمير تغرى بردى المحمودىّ رأس نوبة النّوب وأمير حاجّ المحمل من مكّة فى يوم الجمعة حادى عشرين ذى الحجة، يتضمّن أنه لما نزل عقبة أيلة «١» بعث قاصدا إلى الشّريف حسن بن عجلان أمير مكّة يرغّبه فى الطاعة ويحذّره عاقبة المخالفة، فقدم عليه ابنه بركات بن حسن بن عجلان وقد نزل بطن مرّ «٢» فى ثامن عشرين ذى القعدة، فسرّ بقدومه ودخل معه مكّة فى أوّل ذى الحجة، وحلف له بين الحجر الأسود والملتزم أن أباه لا يناله مكروه من قبله ولا من قبل السلطان، فعاد إلى أبيه وقدم به مكّة فى يوم الاثنين ثالث ذى الحجة، وأنه حلف له ثانيا وألبسه التّشريف السّلطانى وقرّره فى إمرة مكّة على عادته، وأنه عزم على حضوره إلى السلطان صحبة الرّكب واستخلاف ولده بركات على مكّة- انتهى.