ثم أخذ السلطان ينتظر الغزاة إلى أن قدموا عليه يوم السبت خامس عشرين شوّال المقدم ذكره، ومعهم ألف وستون أسيرا ممن أسروا فى هذه الغزوة، وباتوا تلك الليلة بساحل بولاق، وصعدوا فى بكرة يوم الأحد سادس عشرينه إلى القلعة، وبين أيديهم الأسرى والغنائم، وهى على مائة وسبعين حمّالا وأربعين بغلا وعشرة جمال، ما بين جوخ، وصوف، وصناديق، وحديد، وآلات حربيّة، وأوان، وسار الجميع من شارع القاهرة، وقد جلس الناس بالحوانيت والبيوت والأسطحة والشوارع بحيث إن الشخص كان لا يكاد أن يمرّ إلى طريقه إلا بعد مشقّة كبيرة، وربما لا يستطيع السير ويرجع إلى حيث أتى، وبالجملة فإنه كان يوما مشهودا لم يعهد مثله فى الدّولة التركيّة، ولما طلع ذلك كلّه إلى القلعة وعرض على السلطان رسم السلطان ببيع الأسرى وتقويم الأصناف، فقوّمت الأصناف.
ثم ابتدئ بالبيع فى يوم الاثنين سابع عشرين شوّال بالحرّاقة من باب السّلسلة بحضرة الأمير جقمق العلائى أمير آخور الكبير «١» ، وتولّى البيع عن السلطان الأمير إينال الشّشمانى الناصرىّ أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، فاشتراهم النّاس على اختلاف طبقاتهم من أمير وجندى وقاض وفقيه وتاجر وعلمىّ، ورسم السلطان أن لا يفرّق بين الآباء وأولادهم، ولا بين قريب وقريبه، فكانوا يشترونهم جميعا، والذي كان وحده أبيع وحده، واستمرّ البيع فيهم أيّاما، وجمع ما تحصّل من أثمانهم فأنفق السلطان من ذلك على المجاهدين، فأعطى لطائفة سبعة دنانير ونصفا، ولطائفة ثلاثة دنانير ونصفا، وانقضى أمر المجاهدين فى هذه السنة.
قال المقريزى: فى يوم الجمعة سابع ذى الحجّه اتّفقت حادثة شنيعة، وهى أن الخبز قلّ وجوده فى الأسواق فعند ما خرج بدر الدين محمود العينتابى «٢» محتسب