ثم فى سادس عشر المحرم من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ورد الخبر على السلطان من الحجاز بأن الأمير يشبك الجكمى الدّوادار الثانى أمير حاج المحمل لمّا قدم المدينة النبوية بعد انقضاء الحج أظهر أنه يسير إلى الركب العراقى يبتاع منه جمالا، ومضى فى نفر يسير وتسحّب صحبة الركب العراقى خوفا أن يصيبه من السلطان ما أصاب الأمير آقباى نائب الشام، وكان يشبك المذكور صديقا لآقباى، وأشيع أنه كان اتّفق معه فى الباطن فى الوثوب على السلطان، وسار يشبك المذكور حتى دخل العراق، وقدم على الأمير قرا يوسف فأكرمه قرا يوسف وأجرى عليه الرّواتب، ودام عنده إلى أن مات قرا يوسف، ثم مات الملك المؤيد، وقدم على الأمير ططر بدمشق فولّاه الأمير آخوريّة الكبرى حسبما يأتى ذكر ذلك كله فى محله.
وفى ليلة الخميس رابع عشرين المحرم كان الوقيد ببرّ منبابة بين يدى السلطان بعد أن عاد السلطان من وسيم حيث مربط خيوله على الربيع «١» ، ونزل بالقصر المذكور بحرى منبابة.
وألزم السلطان الأمراء بحمل الزّيت والنّفط، فجمع من ذلك شىء كثير، وأخذ من قشر البيض وقشر النارنج ومن المسارج الفخار وجعل فيها الفتايل والزّيت، ثم أرسلت فى النيل بعد غروب الشمس بنحو ساعة، وأطلقت النّفوط وقد امتلأ البرّان بالخلائق للفرجة على ذلك، فكان لهذا الوقيد منظر بهج، وانحدر فى النيل إلى أن فرغ زيت بعضها وأطفأ الهوى البعض.
ثم فى يوم السبت سادس عشرين المحرّم أمسك السلطان الأمير بيبغا المظفّرى «٢» الظاهرى أمير مجلس، وحمل مقيّدا إلى الإسكندرية، ثم نودى بالقاهرة وظواهرها أن كل غريب يخرج من القاهرة ويعود إلى وطنه.